کد مطلب:266709 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:194

الجواب عن اعتراض المصنف
وقد أجاب بعضهم عن هذا السؤال بأنّ سبب الغیبة عن الجمیع هو فعل الأعداء؛ لأنّ انتفاع جماعة الرعیّة ـ من ولیًّ وعدوّ ـ بالإمام إنّما یكون بأن ینفذ أمرُه وتنبسط یدُه، ویكون ظاهراً متصرِّفاً بلا دافع ولا منازع،



[ صفحه 63]



وهذا ممّا [1] المعلوم أنّ الأعداء قد حالوا دونه ومنعوا منه.

قالوا: ولا فائدة فی ظهوره سرّاً لبعض أولیائه؛ لأنّ النفع المبتغی من تدبیر الأئمّة لا یتمًّ إلاًّ بالظهور للكلّ ونفوذ الأمر، فقد صارت العلّة فی استتار الإمام وفقد ظهوره ـ علی الوجه الذی هو لطفُ ومصلحةٌ للجمیع ـ واحدةٌ.

وهذا أیضاً جواب غیر مَرْضیّ:

لأنّ الأعداء إن كانوا حالوا بینه و بین الظهور علی وجه التصرّف والتدبیر، فلم یحولوا بینه وبین مَنْ شاء من أولیائه علی جهة الاستتار.

وكیف لا یَنْتفع به مَنْ یلقاه من أولیائه علی سبیل الاختصاص، وهو یعتقد طاعته وفرض أتباع أوامره، ویحكّمه فی نفسه؟!

وإنْ كان لا یقع هذا اللقاء لأجل اختصاصه؛ ولأن الإمام معه غیر نافذ الأمر فی الكلّ، ولا مفوّض إلیه تدبیر الجمیع، فهذا تصریحٌ بأنّه لا انتفاع للشیعة الإمامیة بلقاء أئمّتها من لدن وفاة أمیرالمؤمنین (علیه السلام) إلی أیّام الحسن بن علیّ أبی القائم (علیهم السلام)، للعلّة التی ذكرت.

ویوجب ـ أیضاً ـ أنّ أولیاء أمیرالمؤمنین (علیه السلام) وشیعته لم یكن لهم بلقائه انتفاع قبل انتقال الأمر إلی تدبیره وحصوله فی یده.

وهذا بلوغ ـ من قائله ـ إلی حدّ لا یبلغه متأمّل.

علی أنّه: إذا سلّم لهم ما ذكروه ـ من أنّ الانتفاع بالإمام لا یكون إلاّ مع ظهوره لجمیع الرعیّة، ونفوذ أمره فیهم ـ بطل قولهم من وجه آخر،



[ صفحه 64]



وهو: أنّه یؤدّی إلی سقوط التكلیف ـ الذی الإمام لطفٌ فیه ـ عن شیعته:

لأنّه إذا لم یظهر لهم لعلّة لا ترجع إلیهم، ولا كان فی قدرتهم وإمكانهم إزالة ما یمنعهم [2] من الظهور: فلا بدّ من سقوط التكلیف عنهم، ولا یجرون فی ذلك مجری أعدائه؛ لأنّ الأعداء ـ واِنْ لم یظهر لهم ـ فسبب ذلك من جهتهم، وفی إمكانهم أن یزیلوا المنع من ظهوره فیظهر، فلزمهم التكلیف الذی تدبیر الإمام لطفٌ فیه، ولو لم یلزم ذلك شیعته علی هذا الجواب

ولو جاز أن یمنع قومٌ من المكلَّفین غیرهم من لطفهم، ویكون التكلیف ـ الذی ذلك اللطفٌ لطف فیه ـ مستمرّاً علیهم: لجاز أن یمنع بعضُ المكلِّفین غیره ـ بقیدٍ أو ما أشبههـ من المشی علی وجهٍ لا یتمكّن ذلك المقیّد من إزالته، ویكون المشی مع ذلك مستمّراً علی المقیَّد.

ولیس لهم أن یفرّقوا بین القید وفَقد اللطف، من حیث كان القید یتعذّر معه الفعل ولا یتوهّم وقوعه، ولیس كذلك فقد اللطف:

لأنّ المذهب الصحیح ـ الذی نتّفق نحن علیه ـ أنّ فَقْدَ اللطف یجری مجری فَقْدِ القُدرة والآلة، وأنّ التكلیف مع فَقْدِ اللطف ـ فی مَنْ له لطف ـ معلومٌ قبحه، كالتكلیف مع فَقْد القدرة والآلة ووجود المانع، وأنّ مَن لم یفعل به اللطف ـ ممًّن له لطف معلوم ـ غیر متمكِّن من الفعل، كما أنّ الممنوعَ غیرُ متمكَّن.



[ صفحه 65]




[1] كذا في «أ» و «ج» و«الغيبة» للطوسي ـ ص 98.

[2] كذا في نسختي الكتاب، والظاهر: «ما يمنعه» أي الإمام (عليه السلام).